لماذا تنمو الزهور غير الصالحة للأكل في حديقة الزراعة المستدامة؟

لم أكن أهتم كثيراً بالزهور إلا مؤخراً. لم يكن الأمر أنني كنت أشعر بأي مشاعر سيئة أو سلبية تجاههم. في الواقع، كنت دائماً أراهم في صورة إيجابية، في إشارة إلى أن الفاكهة أو الخضار ستتبعها قريباً. أحياناً كنت أفكر في الأنواع غير المنتجة كقطعة من لغز التلقيح، منها شيء لإبقاء النحل والفراشات والطيور في الجوار. ما لم أكن قلقاً بشأنه كثيراً هو زراعة الزهور، أولاً وقبل كل شيء، من أجل الزهور!

غالباً ما احتفلت بنباتات مزهرة معينة لصفاتها الأخرى. على سبيل المثال، هوستا، نبات رائع لأنه ينمو في الظل وله أوراق صالحة للأكل. وزنبق النهار صالح للأكل تماماً، من الدرنات إلى البراعم وإلى الأزهار أيضاً. نبات الشاغة المخزنية Comfreyهو مركب رائع، بالإضافة إلى نبات الملقحات والنشارة. لسان الثور أوراقه وأزهاره صالحة للأكل. بلسم النحل يجذب النحل وجيد مع الشاي. يحتوي نبات الكبوسين Nasturtium على أوراق وبذور وأزهار لذيذة، وهو يعمل كنبات مصاحب رائع لحديقة الخضروات. تنتج أشجار الزمزريق الكندي Redbud trees أزهاراً مبكرة صالحة للأكل وتوفر لحاءاً طبياً.

لسرد قصة أطول بكثير، كنت من المعجبين الحقيقيين بخصوص هل نباتات الزينة صالحة للأكل و/ أو النباتات الصالحة للأكل نباتات زينة؟  ولا سيما تلك التي تحتوي على أزهار. في الواقع، هناك الكثير من الناس نادراً ما رأيتهم يعرفون الهدف من زراعة أي نوع آخر من الزهور، لكنني بدأت في تغيير ذاتي. على مدار العامين الماضيين، كنت أجمع مجموعة متنوعة من زهور اللمبة عبر مصدر مجاني. وبالنسبة للجزء الأكبر، تم تجميعها في مساحات حول مكاننا والتي لا معنى لها كثيراً في زراعة الطعام، ولكن أصبحت الأزهار شيئاً رؤيتها رائعة، وشيء أراقبه عن كثب مثل النباتات المنتجة للغذاء.

• تقدير الزهور ١٠١

لقد جمعت عدة أنواع من الزنابق الغير صالحة للأكل، السوسنة والنرجس البري، وكذلك الأمارلس. والتقطت أشياء أخرى أيضاً مثل: زهور النجمة، زهور ثلج الجبل، الأنقولية، الإقحوانات، وما إلى ذلك. لقد كانت مشاهدة كل منهم وهم في مراحل النمو متعة يومية طوال فصل الربيع. النرجس جاء وذهب. بينما قام زنبق الوادي بزيارة. تتألق السوسنة والأنقولية في الوقت الحالي.  وزهور الأقحوان بدأت في الظهور، بينما زهور النجمة لن تزهر حتى أواخر الصيف.

كما توجد أزهار في الأشجار. انفجرت البراعم الحمراء لأشجار الزمزريق الكندي وأزهار نبات خشب قرانيا الأصلية هذا العام على جوانب الطرق وقدمت ما يزيد عن شهر من الروعة. تمتلئ ممتلكاتنا بأشجار الورد والغار الجبلي، وكلاهما سام ولكن مشهور بعروض الزهور المبهجة في فصل الربيع. شعلة الأزالية موطنها الأصلي هنا، وقد انفجرت أزهارها للتو. ينمو جناح كبير من المغنولية في وسط غاباتنا الصغيرة.

أشجار الزمزريق الكندي له صلاحية على جانبه، والنرجس البري يصد القوارض التي تختبئ في جذور الأشجار المثمرة، وأشجار الورد والغار الجبلي يصنعان حطباً جيداً. ومع ذلك، على حد علمي، فإن معظم هذه القائمة سامة إلى حد ما وتقدم أكثر قليلاً من الزهور من حيث البستنة. وبالتالي، لم أكن قد فكرت كثيراً في الأمر بخلاف شطبهم من القائمة على أنهم غير ضروريين في نظامي البيئي المصمم الصغير. وبالطبع، كان هذا أكثر من حماقة.

• إدراك ناشئ

نادراً ما يكون السؤال هو ما إذا كان يمكن للنبات أن يؤدي وظائف متعددة؛ بدلاً من ذلك، هو ما إذا كان يمكن للبشر من حوله أن يدركوا هذه الوظائف أم لا!

 على سبيل المثال، خلال السنوات الثلاث الماضية، ساعدت في قطع وتقليم نبتة فورسيثيا التي تتعدى باستمرار على مبنى تاريخي. أولئك الذين شاركوا منا في مصير هذا النبات قد شعروا بالضيق في اليوم الذي ظهر فيه أزهار الربيع المبكرة الجميلة ثم وجودها الباهت. هذا العام، قامت زوجتي إيما أخيراً بإجراء القليل من البحث، وتعلمنا أن كل من الزهور والأوراق صالحة للأكل. وفجأة حصل ذلك النبات على مكانة جديدة.

طوال ذلك الوقت، كنت أفترض أنها كانت مجرد نباتات زينة غبية، لكنني كنت منزعجاً فقط لأنه كان من الصعب جداً تركها لتركض وتتوسع في البرية لفترة طويلة. أما الآن، فأنا أدركت جميع مميزاتها، فالحيوانات أيضاً تحب الموطن الذي توفره. لديها إمكانات كبيرة لتكون بمثابة سياج مقاوم للغزلان. وتعتبر نبات طبي يحظى بتقدير كبير في الطب الصيني التقليدي. بالإضافة لتوفيرها أزهار الربيع المبكرة جداً لمساعدة الملقحات، وبصراحة، لإضاءة المناظر الطبيعية القادمة من الشتاء.

بهذه الطريقة، بدأت في زيارة الأزهار مرة أخرى مجدداً، وأصبحت مغرماً بشكل خاص بزهور اللمبة والنباتات المعمرة، تلك المزروعة عادة لمجرد كونها زهور جميلة. حيث لم أراها في يوم من الأيام إلا نباتات مظللة للحدائق فقط، أما الآن أرى إمكانات حقيقية!

 تماماً مثل العديد من نباتات الزينة الصالحة للأكل التي لم ندرك فيها غير جمالها.

• الوردة ما زالت وردة

أود غالباً أن أوضح للناس أن جميع أنواع الورود تحتوي في الواقع على أجزاء صالحة للأكل. تظهر وردة المسك بانتظام في الشاي، وقد يدرجها البستانيون المغامرون في المربى. راحة الحلقوم التركية، علاج لذيذ وتنكه عادة بماء الورد. ومع ذلك، لا تزال الوردة وردة، ويستخدمها معظمنا كباقة زهور.

في الولايات المتحدة وحدها، تنتج صناعة الزهور حوالي ٣٥ مليار دولار من العائدات سنوياً، وتمثل الوردة حوالي ثلث ذلك. (لسوء الحظ، حوالي ١٪ فقط من تلك الورود تزرع في الولايات المتحدة). تماماً مثل الطعام، معظم الزهور المباعة في الولايات المتحدة تأتي من بلدان أخرى، خاصةً كولومبيا التي توفر حوالي ٧٠٪ من الزهور التي تباع في الولايات المتحدة. بعبارة أخرى، هناك الكثير من صغار المزارعين المحليين وبائعي أسواق المزارعين يفتقدون لمحصول متخصص عالي الجودة: الزهور المقطوفة.

ألا يجب أن نفكر في أميال الزهور مثلما نفكر في أميال الطعام؟ ألا يجب أن نقوم بتوريد الزهور العضوية المزروعة محلياً، تماماً كما نفعل مع المحاصيل المتخصصة مثل الهليون، الفطر، الخيزران، وأعشاب الطهي؟ إذا تمكنا من زراعة فائض غذائي من أجل الدخل، فهل هناك أي سبب يمنعنا من فعل الشيء نفسه مع الزهور؟ إذا تمكنا من الاحتفال بحديقة السوق المتنوعة للمحاصيل النقدية التي تنتجها، فهل هناك أي سبب يمنع هذه المحاصيل النقدية من تضمين الزهور غير الصالحة للأكل؟

• تطبيق الزراعة المستدامة

ما لاحظته في زراعة كل من أزهار النرجس البري، السوسنة، الزنابق، زهور النجمة، الأليوم (نبات الثوم)، وما إلى ذلك هو أنها نباتات معمرة لا تحتاج إلى صيانة تقريباً، وتتكاثر ذاتياً، والعديد منها يقاوم الآفات إلى حد كبير، بما في ذلك الغزلان!

 لقد حفرتهم حرفياً من جوانب الطرق وقمت بإزالتهم من الحدائق حتى يتمكن الناس من زرع شيء جديد، وقمت بنقلهم من المناطق التي غالباً ما يتم قطعها فيها أو تجريفها.

في العام القادم، ستظهر حزم من أزهار النرجس البري والأليوم في جميع أنحاء غابة الطعام المزروعة حديثاً. إنهم موجودون من أجل مكافحة الآفات، ولكن قد يكون هناك الآن وظيفة أخرى!

 على طول حافة الطريق، سيبدأ ظهور الكثير من الزهور في أوائل الربيع وتقدم عروض ملونة حتى الخريف، لكنها قد تكون أكثر من مجرد شيء يستحق الإعجاب به. تُزرع السوسنة حول القطب الكهربائي، حيث يمكن أن تدمر الكيماويات المتسربة مصانع إنتاج الغذاء. وتنمو زنابق النهار على جوانب بركة الرواسب.

لا يشمل موقع الزراعة المستدامة لدينا حتى الآن إنتاج طعام يتجاوز تلبية احتياجاتنا الخاصة. ولكن هذا لا يعني أننا لا نؤمن أنه قد يأتي يوماً ونمتلك جوانب قابلة للتسويق، مثل خلطات الشاي الطبية، وأعشاب الطهي (المزروعة أيضاً لتكون “برية” ومتوفرة حول البناء)، ونباتات الفطر الذواقة، والنباتات الحية. الآن، مع الزهور المعمرة أثناء التنقل، قد تكون الزهور المقطوفة مجرد وسيلة أخرى لجعل ممتلكاتنا مربحة عن غير قصد. سوف يتطلب الأمر القليل من العمل الإضافي بالنسبة لنا في هذه المرحلة. وهذا يبدو لي مثل الزراعة المستدامة.