الأميرة والزراعة الأصيلة

مترجم – المقال الأصلي هنا

 

في حفل افتتاح المؤتمر العاشر للزراعة الأًصيلة اجتمع أكثر من 100 شخص من شتى أنحاء العالم مساء يوم الجمعة في 16 من شهر أيلول لحضور حفل العشاء المقام بمناسبة افتتاح المؤتمر. لم يقتصر حضور هذه المناسبة على معتنقي فكر الزراعة الأًصيلة بل إن هذا الحدث جذب اهتمام عدد من أصحاب النفوذ من قلب المجتمع الأردني والذين نأمل أن يتمكنوا من استيعاب كافة مفاهيم الاستدامة الضرورية كي يساعدوا على إيصالها من خلال مناصبهم إلى عموم سكان المملكة. ومن بين هؤلاء كانت الأميرة بسمة بنت علي.

قد يتذكر البعض لقاءنا الأول مع الأميرة منذ أكثر من عام  فمع ازدياد اهتمامها بالزراعة الأًصيلة قامت الأميرة بزيارة مركز أبحاث الزراعة الأًصيلة في الأردن، موقع تخضير الصحراء الثاني في وادي البحر الميت، كما تكرمت برعاية مؤتمر الزراعة الأًصيلة العاشر IPC10..

قدمت ناديا لوتون الأميرة بسمة، وعلى المنصة ألقت الأميرة خطابها بكلمات ألهمت الجميع، وأظن أن العديد من المستمعين قد شعروا بغصة أثناء سماعهم الخطاب والذي سنعرضه فيما يلي..

 

السادة والسيدات الحضور الكرام

أرحب بكم في المؤتمر العالمي للزراعة الأًصيلة في عمان ، في الحقيقة إنه لمن دواعي سرورنا وفخرنا أن يستضيف بلدنا الأردن هذا المؤتمر الذي يتمحور حول الماء، الماء من أجل الحياة والماء من أجل الطبيعة !

في البداية أرغب بأن أقتبس من القرآن الكريم آية أعتقد أنها تعلمنا مدى أهمية هذا المورد النادر

( وجعلنا من الماء كل شيء حي)

كما تعلمون جميعاً فإن الماء هو جوهر الحياة والذي بدونه سوف نهلك جميعاً. عندما بدأت بالعمل في مجال البيئة، كانت الأردن تحتل المركز الحادي عشر بين دول العالم التي تعاني من شح الموارد المائية. أما الآن وبعد مضي خمسة عشر عاماً فإننا نحتل المركز الثالث، حتى أن البعض يقول إننا في المركز الثاني. بالرغم من الصدمة التي يسببها لنا مثل هذا التصنيف إلا أنه يجب أن يحفزنا للعمل على مداواة الجراح التي تسببنا بها لبلدنا الحبيب ولأرضنا، الجروح التي كانت نتيجة حتمية لغطرستنا (وأنا أعني ذلك تماماً)، التوجيهات الخاطئة، الإدارة السيئة وأخيراً ازدراء وإهمال حكمة أجدادنا أو ما يعرف “بالمعارف والثقافة التقليدية”.

لقرون خلت طور أجدادنا طرق معيشتهم بشكل يتناغم مع الطبيعة وأنظمتها المتنوعة، وكانت معرفة كل جماعة بالطبيعة معرفة حميمية عرفت حدودها واحترمت قوانينها ونظامها لأنها اعتبرت نفسها جزءاً لا يتجزأ من هذا النظام. ولكن الإنسان وعلى مدى 100-150 عاماً الأخيرة فقد هذه الرابطة وكنتيجة لذلك بدأ يُفسد الأرض وينشر فيها الأوبئة، وأخطر نتيجة لأفعاله كانت التغيرات المناخية. واليوم أصبحنا قادرين على رؤية نتاج أخطائنا متمثلاُ في زيادة نسبة التصحر الأمر الذي تسبب في الهجرات الجماعية نتيجة للتقلبات المناخية، ضعف الأمن الغذائي والذي أدى إلى المجاعة، بالإضافة إلى قائمة لا تنتهي من الكوارث الطبيعية.

 على أية حال، لدي إيمان بأن الأوان لم يفت بعد ولا زال لدينا القدرة على التغيير نحو الأفضل وذلك من خلال الزراعة الدائمة! إذ يمكننا البدء بإصلاح الأرض وتخفيف العبء والجهد الذي يوجهه العديد من الأشخاص فالزراعة الأًصيلة هي المستقبل – هذا إذا كنا نرغب بتأمين مستقبل نتمتع فيه جميعنا بالاستقلالية والكرامة. لقد حان الوقت لكي يستعيد الإنسان دوره الذي خلقه الله للقيام به وجعله خليفة في الأرض ليقوم بحمايتها، الحفاظ عليها وفوق كل ذلك أن يحترم هذه الهبة المباركة وليس ما يقوم به البشر الآن من انتهاك وسوء استخدام واستغلال مواردها. أنا أرى أن تقنيات الزراعة الأًصيلة هي الأداة لتحقيق كل ذلك. لهذا السبب أتمنى التوفيق لهذا المؤتمر، وأتطلع للنتائج التي سيخرج بها ولتلك الجسور التي سيبنيها في الأيام القادمة .

كانت هذه الكلمة التي ألقتها الأميرة بسمة بنت علي في افتتاح المؤتمر العاشر للزراعة المستدامة (IPC10)، والذي حضره مسؤولون من مديريات الزراعة الأردنية والمفوض السامي لأستراليا . 

 

الأميرة بسمة مع بيل وليزا موليسون

 

 نرجمة : دانيا عطار