التنمية المستدامة في منطقة وادي البحر الميت

 بواسطة   وتمت مراجعتها GENERAL

    جيف لوتون هو معلم ومستشار تصميم  المحميات الزراعية ذو الشهرة العالمية الواسعة ، تعتبر قصته من أكثر القصص الناجحة والنادرة في الشرق الاوسط التي تتناول المناخ المضطرب سياسيا الذي يسيطر على هذا الجزء من العالم بوضعية لا يمكن تحملها .

تصدير هذا النظام الى 17 دولة مختلقة حول العالم كان جزءا من تنامي الحركة العالمية التي تستخدم تقنيات التنمية المستدامة لتلبية الحاجات الانسانية بالطريقة البيئية السليمة ، وقد ركز جيف في عمله على المشاكل البيئية الخطيرة في المناطق الفقيرة والتي تشهد صراعات سياسية دائمة.

في عام 2000 كلفت المنظمة اليابانية للعمل بالتعاون مع المنظمة الاردنية جيف لوتن للقيام بزيارته الاولى للمشاركة في تصميم واستصلاح قطعة أرض مساحتها 10 فدان بالقرب من البحر الميت الذي يبلغ انخفاضه 400 متر تحت مستوى سطح البحر وعلى بعد بضعة كيلو مترات من الحدود الفلسطينية , حيث كان الهدف من هذا العمل هو إظهار وتطبيق التنمية الزراعية المستدامة. خلال ذلك تم وضع خطة والاتفاق عليها واتخاذ الترتيبات اللازمة للقيام بزيارة أخرى في شهر كانون الاول-ديسمبر- خلال فصل الشتاء البارد.

وخلال تلك الزيارة التي تمت في شهر كانون الاول -ديسمبر- تم إعطاء دورة في التنمية المستدامة مدتها 72 ساعة , وقاموا أيضاً بالتوجيه والارشاد لعمليات التركيب والتجهيزات اللازمة للعمل وفق نظام التنمية المستدامة والتي تشمل بناء واحد ونصف كيلو متر من خنادق حصر وتجميع المياه ( وهي خنادق محددة ومحاطة بتلال رملية التي تم إنشاءها في المناطق المنخفضة التي عادةً ما تستخدم في نظام زراعة الاشجار ) , كما وتم بناء سد في هذه المنطقة كجزء من هذا التصميم. هذه الطريقة في استخدام السدود ضرورية جدا في المناطق التي يكون فيها معدل التبخر كبير جدا.

قبل مغادرة جيف الموقع كان قد أعطى توصياته بإقامة سياج حول الموقع لأنه محاط بمراعي الاغنام والخراف التي يرعى فيها السكان البدو والمزارعين المحليين. وترك أيضاً تعليمات للري بالتنقيط وتثبيت هذا النظام تحت طبقات سميكة من الاسمدة العضوية ، حيث أن هذه التقنية مهمة جدا في المناخ الذي ترتفع فيه نسبة التبخر ومهمة أيضاً في المناطق التي تمتاز بملوحة تربتها العالية . بعد ذلك تم بناء السياج وتم تركيب نظام الري وتم زراعة العديد من أشجار الفاكهة وبمقابل كل شجرة فاكهة تمت زراعة ثلاث شجرات رائدة ومثبتة للنيتروجين.

هذا التصميم يحاكي النظم الايكولوجية الطبيعية التي تستمد منها التنمية المستدامة مبادئها. وتمت زراعة 1510 شجرة 7 منهم فقط ماتوا : واحدة منهم بسبب انسداد التنقيط وستة أشجار أخرى تمت زراعتهم بشكل متعمد بدون سماد عضوي لتأكيد أن استخدام الأسمدة العضوية لا بد منه.

وقد وصفت وزارة الزراعة المحلية الأراضي بأنها غير صالحة لأي إنتاج زراعي بسبب ازدياد مستوى ملوحة التربة والذي يقدر ب 5000 جزء في المليون , والتي تزيد عن النسبة المسموح بها في التربة التي تقدر ب 4100 ببم , بالإضافة الى درجة الحموضة والقلوية التي تتراوح ما بين 9.5 الى 10, لذلك من المستحيل أن تنمو أشجار التين والفاكهة والمحاصيل الزراعية الاخرى فيها.

وبفضل مساعدة فريق العمل المحلي ذوي الخبرة العلمية و العملية وتوجيهات السيد/ جيف التي نُفذت بكل حذر في الزيارة الثانية. كانت النتائج مثمرة للغاية بعد أربعة أشهر بعد زراعة أول أشجار فيها. كانت أشجار التين تنمو وتُثمر بشكل جيد , بالإضافة إلى أشجار الجوافة والرمان وبعض الأشجار الرائدة المخصبة للتربة التي وصل طولها الى مترين لذلك كانت نتائج التخضير العام للموقع مُشجعة للغاية. وقد أشارت هذه النتائج إلى أن نسبة الملوحة قد انخفضت وأن درجة الحموضة قد انخفضت أيضاً , وتم تحسين خصوبة التربة. ولذلك قامت وزارة الزراعة بالدعوة مرة أخرى إلى القيام بالمزيد من الدراسات والأبحاث على التربة حيث كانت النتائج مثيرة ومذهلة للغاية حتى أن جيف نفسه قد ذُهل منها.

إن النتائج الجيدة تشير عادةً إلى استخدام المياه العذبة للزراعة التي يعد نقلها مكلف للغاية والتي تعتبر ليست فقط ضد مبادئ الزراعة المستدامة ولكنها أيضاً بعيدةً عن متناول المزارع العادي ومكلفة للغاية بالنسبة لميزانيتنا. وعلى النقيض من ذلك قمنا باستخدام نفس المياه المالحة التي يستخدمها المزارع المحلي العادي , ولكن مع التصميم الجيد للمشروع تم استخدام 1/5 كمية المياه المستخدمة في زراعة مساحة مماثلة لموقع المشروع , وقد شًكلت النتائج المبهرة لغزاً محيراً للمزارعين المحليين ولوزارة الزراعة أيضاً , ولذلك لاقت اهتماماً كبيراً من جميع السكان المحليين والسلطات أيضاً. وأكدت النتائج أن التربة قد عادت إلى الحياة وبدأت بداخلها الدورات الحيوية كما وتم حصر وتقليل الملح فيها. فقد بدأت عملية إحياء التربة وكانت النتيجة بأن ليس فقط نسبة الهيدروجين والملوحة قد انخفضت وإنما تحول لون التربة الرملية الشاحب الى اللون البُني الغامق بفعل زراعة الحمص فيها. وقد وجد جيف نفسه مضطراً إلى شرح هذه العملية مرات ومرات تلبيةً لدهشة أولئك الذين لم يصدقوا بنجاح المشروع وبنجاح جيف أيضاً.

وكان من المقرر ان تكون الزيارة التالية له في شهر أغسطس عام 2001

بدأت المرحلة الثانية من إعطاء الدورات مع الكثير من الحماس كما وبدأ المزارعين المحليين باستخدام تقنيات التنمية المستدامة والاستفسار عن إمكانية تحقيق هذه النتائج الإيجابية على اراضيهم الفقيرة. لكن تعرض الموقع لأول اختبار حقيقي له حيث تعرض للظروف المناخية القاسية في موسم الجفاف الشديد. وبينما بدأ هطول الأمطار الغزير مع انخفاض درجات الحرارة في شهر أكتوبر عام 2001 قد عاد الزرع للنمو بمعدل سريع مع أعلى معدل سنوي لهطول الأمطار منذ عشرون عاما بما يقارب 200 ملم .

في شهر ديسمبر لعام 2001 تم تبديل نظام الري لمدة شهر واحد , وكان اختبار حقيقي لمثل هذا المشروع. وقد كان هناك بعض التوتر والخوف الطفيف على أشجار الجوافة ولكن بدون أي خسائر وبدون أي تأثير سلبي على النظام برمته , فاستمر النمو السريع للمحاصيل الزراعية الشتوية كالشعير وبدأت المحاصيل التجارية مثل البصل العضوي بالنمو بنجاح كبير كما وتحول الموقع برمته الى اللون الاخضر.

عاد جيف في شهر أبريل عام 2002 بعد عام واحد فقط من بدء الزراعة. كان الصراع في فلسطين قد وصل الى مرحلة خطيرة للغاية , حيث كانت مدينة أريحا التي توجد في الضفة الغريبة تُشاهد من الموقع بوضوح تام فقد تستطيع مشاهدة الدوريات العسكرية في المنطقة ونقاط التفتيش المدججة بالسلاح , يُذكر هنا أن هذه المنطقة كانت وما زالت منطقة صراع شديد ممزوجة بالمعاناة الانسانية .

بالرغم من ذلك كانت المزرعة تبدو بشكل جيد , فقد أظهرت الاختبارات أن الملح قدا اختفى تماما من بعض المناطق كما وان نسبة الرقم الهيدروجيني قد انخفضت الى 7.5 . بدت المزرعة وكأنها غابة صغيرة على طول الخطوط الكنتورية لنظام الحصاد المائي. قد بدأ المركز التعليمي باستخدام التصاميم والمواد التقليدية مع نظام التبريد الذاتي التي لا تعتمد على مصادر الطاقة الملوثة. فبدلا من ذلك تم بناء مداخن رياح مع نظام الفحم المتبخرة لتكن بذلك قد استخدمت الحد الأدنى للطاقة مع اقل التكاليف لتصميم المساكن للمواطنين المحليين.

وقد لاقت كل هذه المشاريع اهتماماً كبيراً جداً من قبل الهيئات المهنية من المهندسين الزراعيين , والمنظمات البيئية والمدارس ووزارة الزراعة الاردنية مما دفع جيف الى القيام بجولة لتقديم المحاضرات لكل هذه القطاعات المختلفة والدعوة إلى القيام بالعديد من مشاريع التنمية المستدامة في هذه الدولة. قدمت وزارة الزراعة الان خطة لإقامة مشروع بحثي عضوي وتم دعوة جيف للتشاور بالأمر.

التمويل يشكل الان العائق الرئيسي للعودة الى هذا البلد .لذا يرجى من أي شخص يريد تقديم المساعدة لنا التواصل معنا من خلال موقع التنمية المستدامة www.permaculturenews.org يقع معهد التنمية المستدامة في ولاية شانون نيو ساوث ويلز  استراليا. يقوم فريق التعليم بمعهد التنمية المستدامة بتلبية الدعوات لتقديم المحاضرات والدورات التعليمية في أي مكان في العالم.